سكوت الدولة… بين الحرج والاعتراف الضمني الاعلامي خضر رسلان من يراقب المواقف الرسمية الصادرة في بيروت تجاه تصريحات رئيس وزرا
سكوت الدولة… بين الحرج والاعتراف الضمني
الاعلامي خضر رسلان
من يراقب المواقف الرسمية الصادرة في بيروت تجاه تصريحات رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة، يلحظ صمتًا ثقيلًا يكاد يختنق بين جدران السراي الحكومي. هذا الصمت ليس وليد اللامبالاة ولا هو دليل ارتياح، بل هو في الحقيقة تعبير عن مأزق سياسي وأمني يصعب الخروج منه بلا كلفة.
السلطة، بمختلف مؤسساتها، تدرك تمام الإدراك أن أي تعليق مباشر على كلام نتنياهو سيجرّها إلى مواجهة حقيقة لا تريد الاعتراف بها علنًا: أن لبنان، في ظل موازين القوى القائمة، ما زال بحاجة ماسّة إلى قوة ردع تحمي أرضه وشعبه، وأن التهديد بعودة الاحتلال ليس سيناريو متخيّلًا أو بروباغندا إعلامية، بل احتمال واقعي قائم في ذهن صانع القرار الإسرائيلي.
الاعتراف بهذه الحقيقة يعني، بالضرورة، الإقرار بشرعية وجود السلاح المقاوم كجزء من منظومة الدفاع الوطني. وهذا ما لا تريده أطراف داخلية بنت خطابها السياسي على المطالبة بنزع السلاح، انسجامًا مع ضغوط خارجية ومصالح إقليمية، ولو على حساب ميزان الردع الذي يستطيع ان يكبح أطماع العدو.
وهنا يبرز التساؤل المشروع: بعد كل هذا، هل يعقل أن ينفذ الجيش اللبناني ما طلبت منه الحكومة، من وضع خطة أو جدولة زمنية لتسليم سلاح المقاومة؟ وكيف يمكن فهم أن يكون العدو ممتنًّا للحكومة اللبنانية على قرارات تسهّل، من حيث لا تدري أو تدري، إنجاز مشروعه، عبر إضعاف الجبهة الداخلية وتجريدها من أي قوة مسلحة قادرة على الردع؟
هكذا، يصبح الصمت الرسمي نوعًا من الهروب إلى الأمام: لا مواجهة لكلام نتنياهو، ولا مواجهة للحقيقة التي يخشاها بعض السياسيين، والنتيجة هي موقف معلّق بين الإنكار والتواطؤ. وفي هذا الإطار، يمكن فهم حالة الارتباك التي تسيطر على بعض "المتشدقين بالسيادة" هذه الأيام؛ فهم بين مطرقة اعتراف موجع وسندان خطابهم القديم الذي لم يترك لهم مساحة للتراجع من دون ثمن.
إن قراءة المشهد بدقة تكشف أن ما يجري ليس مجرد تجنّب للتصعيد الإعلامي، بل محاولة للهروب من سؤال جوهري: من سيحمي لبنان إذا سقط ميزان الردع الحالي؟ وماذا سيمنع العدو من إعادة تجربة الاحتلال، إذا وجد أن الطريق بات مفتوحًا بلا عوائق؟
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها